ظاهرة أطفال الشوارع في المغرب: واقع مُرير وتحديات مُعقَّدة في أزقة الدار البيضاء

تاريخ النشر: 27 مايو 2025 مقدمة: أطفال بلا طفولة في شوارع الدار البيضاء، خاصة بالمدينة القديمة وأحياء كـ"بوركون" و"ساحة الأمم المتحدة"، تنتشر ملامح أطفال تحمل قصصاً مُرة عن تشرد وعنف واستغلال. هؤلاء الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 سنة، أصبحوا جزءاً من مشهد يومي مؤلم، يعكس اختلالات اجتماعية واقتصادية عميقة. تُقدَّر أعدادهم بأكثر من 30 ألف طفل على مستوى المغرب، وفق إحصاءات غير رسمية، بينما تشير تقارير حقوقية إلى أن نحو 100 ألف طفل يولدون دون هوية أب، مما يجعلهم عرضة للتشرد في المستقبل 110. الدار البيضاء: ملاذ الهاربين من الفقر والعنف تعتبر العاصمة الاقتصادية للمغرب وجهة للعديد من الأسر الفقيرة القادمة من القرى النائية، مثل "قلعة السراغنة"، هرباً من الفقر والبطالة. لكن المدينة الكبيرة تتحول إلى فخٍّ لأطفال هذه الأسر، حيث يُجبرون على العمل بالتسول أو غسل السيارات أو جمع القمامة، بل والانخراط في شبكات إجرامية تستغلهم جنسياً أو مادياً 68. يقول "وليد" (15 عاماً)، الذي هرب من قريته إلى الدار البيضاء: "أفضل الشارع على البيت... هنا على الأقل لدي حريتي"، وهو يعيش مع أطفال آخرين في بيوت مهجورة أو تحت العربات 6. الأسباب: تفكك أسري وفشل مؤسساتي الفقر والهجرة الريفية: يعاني 73.1% من أطفال المغرب من الحرمان في خدمات أساسية كالماء والتعليم، وفق وزارة الأسرة المغربية. وتُجبر الأسر الفقيرة أطفالها على العمل لسد احتياجات الأسرة، كما في حالة "عبد السلام" (13 عاماً)، الذي يُضرب إذا لم يحقق 30 درهماً يومياً 17. العنف الأسري والطلاق: يُعتبر الطلاق أحد الأسباب الرئيسية، حيث يُترك الأطفال ضحايا للصراعات الأسرية. تقول الباحثة الاجتماعية خديجة نعمان: "الهروب هو الحل الوحيد للطفل للنجاة من الضغط العائلي" 1. التسرب المدرسي: تصل نسبة التسرب إلى 11.5% في المرحلة الثانوية، مما يدفع الأطفال إلى الشارع بحثاً عن مصادر دخل بدائية 1. غياب الهوية القانونية: يُولَد آلاف الأطفال خارج إطار الزواج، مما يحرمهم من الحقوق الأساسية ويجعلهم عرضة للتشرد منذ الصغر 310. المخاطر: من الاستغلال إلى الإجرام الصحة الجسدية والنفسية: يعتمد هؤلاء الأطفال على بقايا الطعام من القمامة، ويتعرضون لأمراض كالسل، بل وإدمان المخدرات عبر حقن مُشتركة 17. الاستغلال الجنسي والعنف: تكشف التقارير عن عصابات تتحكم في أطفال الشوارع، خاصة في الدار البيضاء، حيث تم اعتقال فرنسي بتهمة الاعتداء الجنسي على أطفال 7. الانحراف والجريمة: يتحول بعض الأطفال إلى سرقة أو تشكيل عصابات، كما في حالة مجموعات اليافعين الذين ينشطون في شوارع المدن الأوروبية مثل ستوكهولم 10. جهود المواجهة: بين السياسات الحكومية وعقبات التطبيق المبادرات الحكومية: أطلقت المغرب سياسة عمومية لحماية الطفولة (2015-2025)، وبرنامج "مدن دون أطفال شوارع"، الذي يعتمد على إيواء الأطفال وتأهيلهم. لكن نقص التمويل والتنسيق بين الجهات يُضعف فعاليتها 1 دور الجمعيات: تعمل جمعيات مثل "ما تقيش ولدي" على إنشاء مراكز إيواء، لكنها تواجه تحديات كفرار الأطفال منها بسبب سوء الإدارة 8. التوصيات المطروحة: يدعو الخبراء إلى تعزيز التنسيق بين الوزارات، ودعم الأسر الهشة عبر برامج اقتصادية، وتحسين البنية التحتية لمراكز الإيواء 48. الخاتمة: استثمار في المستقبل أم ضياع جيل؟ ظاهرة أطفال الشوارع ليست مجرد أزمة إنسانية، بل قنبلة موقوتة تهدد النسيج الاجتماعي. ففي الدار البيضاء، حيث تتداخل عوامل الفقر والهجرة، يحتاج الحل إلى رؤية شاملة تجمع بين الوقاية والرعاية الطويلة المدى، مع إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص. كما قال الخبير محمد الطيب بوشيبة: "الاستثمار في الطفولة هو استثمار في مستقبل المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لمشاركتك .